التأثيرات النفسية والحسية للألوان1


تعتبر الألوان عنصراً أساسياً في البيئة المحيطة سواء كانت طبيعية أو معمارية من صنع الإنسان، حيث تلعب الألوان دوراً هاماً في العملية التطورية البشرية.
يتم إدراك البيئة وألوانها من خلال عمليات دماغية حسية على أساس موضوعي وذاتي يشمل الأثر النفسي والتواصل والمعلومات وجميع عمليات الإدراك الحسية ولا يمكن حصر أهداف التصميم اللوني بالدراسات الخاصة بالتصيمم الداخلي والديكور فقد أثبتت الدراسات العلمية في مجال علم النفس المعماري وعلم النفس اللوني وعلم النفس البصري والبيئة البصرية أن ردة فعل الإنسان في البيئة المعمارية تعتمد على الإدراك الحسي للون بدرجة كبيرة.
 
كما أن لإدراك اللون والرسالة التي يحملها أهمية قصوى في خلق الحالة النفسية أو الأجواء التي تدعم وظيفة الفضاء، فعلى سبيل المثال تختلف وظيفة الفصول الدراسية عن غرف المرضى في المشافي والمستوصفات عن وظيفة المكاتب والفراغات الاستثمارية وعليه فإن كل وظيفة تمتلك فضائها الخاص و تحتاج دراسة لونية خاصة بها.
 
ولابد للدراس في مجال تصاميم الديكورات والفضاءات اللونية أن يمتلك المعرفة اللازمة للجوانب النفسية العصبية للألوان وخصوصاً تأثيرها على النقيضين الإدراكيين داخل البيئة المدروسة وهما الحرمان الحسي و الزائد الحسي والتأثيرات القادرة على التحفيز والافراط به أو على الاسترخاء وتقليل التحفيز بحيث يحقق التوازن بمستوى حسي معين بعيد عن الرتابة والبرودة المملة وكذلك بعيد عن التهيج والعصبية الحسية فقد أظهرت أبحاث الإجهاد إلى أن حالات الرتابة الحسية أو المبالغة في التحفيز يمكن أن تؤدي إلى خلل وظيفي لدى الكائن الحي.
 
فالرتابة والبرودة تعطي لمستخدمي الفراغ الشعور بالتململ والاستجابة العاطفية المفرطة وصعوبة في التركيز واضطرابات في الإدراك وتتجسد العلامات الأساسية للبيئة الرتيبة في المزايا اللونية لها من خلال استخدام ألوان بمقياس أقل من اللازم والمفترض سواء في شدة هذه الألوان الضعيفة أو ألوان غير متجانسة أو أحادية اللون.
أما التحفيز المفرط فمن الممكن أن يؤدي إلى تغييرات في معدل التنفس ويزيد من معدل النبض ويرفع الضغط والتوتر ومن العلامات الأساسية للبيئة مفرطة التحفيز هو كثافة اللون القوية، تناسق الألوان المعقدة للغاية أو غير المتجانسة، التناقضات اللونية القوية والعديد من أنماط الألوان البصرية المعقدة. 
وقد أكدت الأبحاث الحديثة في علم النفس العصبي إلى أن الاستجابات العاطفية الحسية تكون أسرع وأكثر تأثيراً من العمليات المعرفية والتحليلية.
 
لابد لنا في نهاية الحديث إلى أن نؤكد على ضرورة الاهتمام بانتقاء الألوان التي سيتم تطبيقها في الفراغ المعماري بحيث يساهم في تحقيق التوازن الحسي ويؤمن الراحة النفسية والبصرية المطلوبة ويخدم وظيفة الفراغ.    
 
المصدر: مجلة Twenty two المعمارية العدد 78
التأثيرات النفسية والحسية للألوان1






Top